للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فنَسَخَ ذَلِكَ الأَنْفَالُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (١)، ومِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءَ كَذَلِكَ، وهَذَا هُوَ المُعْتَمَدُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ: الأُوْلَى حَيْثُ كَانَ المُعَاقِدُ يَرِثُ وَحْدَهُ دُونَ العَصَبَةِ فنَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} فَصَارُوا جَمِيعًا يَرِثُونَ، وَعَلَى هَذَا يتَنَزَّلُ حَدِيثُ ابنِ عَبَّاس، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ آيةُ الأَحْزَابِ، وَخُصَّ المِيرَاثُ بِالعَصَبَةِ، وبَقِيَ للمُعَاقِدِ النَّصْرُ والإِرْفَادُ ونَحْوُهُمَا، وَعَلَى هَذَا يتَنَزَّلُ بَقِيَّةُ الآثَارِ (٢).

* قَوْلَةٌ جَمِيلةٌ لِلْإِمَامِ السُّهَيْلِيِّ:

قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ أَصْحَابِهِ حِينَ نَزَلُوا المَدِينَةَ؛ لِيُذْهِبَ عَنْهُمْ وَحْشَةَ الغُرْبَةِ وَيُؤْنِسَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ الأَهْلِ والعَشِيرَةِ، ويَشُدَّ أَزْرَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا عَزَّ الإِسْلَامُ واجْتَمَعَ الشَّمْلُ، وذَهَبَتِ الوَحْشَةُ، أنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٣) أعْنِي في المِيرَاثِ، ثُمَّ جَعَلَ المُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ إِخْوَةً، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٤) يَعْنِي في التَّوَادِّ وَشُمُولِ الدَّعْوَةِ (٥).


(١) سورة الأنفال آية (٧٥) - والخبر أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الفرائض - باب نسخ ميراث العقد بميراث الرَّحم - رقم الحديث (٢٩٢١).
(٢) انظر فتح الباري (٩/ ١٢٢) - (١٣/ ٥١٧).
(٣) سورة الأنفال آية (٧٥).
(٤) سورة الحجرات آية (١٠).
(٥) انظر الرَّوْض الأُنُف (٢/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>