للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخُذْهُ فَلَكَ نَصْرُهُ وعَقْلُهُ (١) ومِيراثُهُ، واتَّخِذْهُ وَلَدًا فَهُوَ لَكَ، وأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أخِيكَ هَذَا الذِي قَدْ خَالَفَ دِينَكَ، ودِينَ آبائِكَ، وفَرَّقَ جَماعَةَ قَوْمِكَ، وسَفَّهَ أحْلامَهُمْ، فَنَقُلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أجْمَعُ لِلْعَشِيرَةِ، وأفْضَلُ في عَواقِبِ الْأُمُورِ مَغَبَّةً، وإنَّما هُوَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ.

فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: واللَّهِ ما أنْصَفْتُمُونِي، أتُعْطُونَنِي ابْنَكُمْ أكْفُلُهُ لَكُمْ، وأُعْطِيَكُمْ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ؟ ما هَذَا بِالنَّصَفِ، تَسُومُونَنِي (٢) سَوْمَ العَرِيرِ (٣) الذَّلِيلِ، هَذَا واللَّهِ لا يَكُونُ أَبَدًا.

فَقَالَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ: واللَّهِ يا أبَا طَالِبٍ لَقَدْ أنْصَفَكَ قَوْمُكَ، وجَهِدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُهُ، فَمَا أرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: واللَّهِ ما أنْصَفْتُمُونِي، ولَكِنَّكَ قَدْ أجْمَعْتَ خُذْلانِي ومُظاهَرَةً عَلَيَّ، فاصْنَعْ ما بَدَا لَكَ (٤).

* مُنَاصَرَةُ بَنِي هَاشِمٍ والمُطَّلبِ لِأَبِي طَالِبٍ:

فَهُنَا قَامَ أَبُو طَالِبٍ حِينَ رَأَى ما تَصْنَعُ قُرَيْشٌ بِالمُسْلِمِينَ، في بَنِي هاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ، فَدَعَاهُمْ إلى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنع رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والقِيامِ دُونَهُ،


(١) العَقْلُ: الدِّيَةُ. انظر النهاية (٣/ ٢٥٢).
(٢) المُسَاوَمَةُ: المُجاذَبَةُ بينَ البائِعِ والمُشْتَرِي على السِّلعَةِ وفضلِ ثَمَنِها. انظر النهاية (٢/ ٣٨٢).
(٣) العَرِيرُ: أي دَخِيلًا غَرِيبًا ولمْ أكُنْ مِنْ صَمِيمِهِمْ. انظر النهاية (٣/ ١٨٥).
(٤) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٩٧) - سيرة ابن هشام (١/ ٣٠٣) - الرَّوْض الأُنُف (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>