للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ المبارَكْفُورِي: وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُمْ -أَيْ مُسْلِمَةُ الفَتْحِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ- أَسْلَمُوا رَهْبَةً، وَآمَنَ عَمْرُو بنُ العَاصِ -رضي اللَّه عنه- رَغْبَةً، فَإنَّ الإِسْلَامَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَشُوبَهُ كَرَاهَةٌ، وَالإِيمَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ رَغْبَةٍ وَطَوَاعِيَةٍ (١).

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: . . . مَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنِي مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ؛ لِأنَي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنِي مِنْهُ (٢).

وَلَمَّا أَسْلَمَ عَمْرٌو -رضي اللَّه عنه- كَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقَرِّبهُ وَيُدْنِيهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، وَكَانَ -رضي اللَّه عنه- مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ رَأْيًا، وَدَهَاءً، وَحَزْمًا، وَكَفَاءَةً، وَبَصَرًا بِالحُرُوبِ، وَمِنْ أَشْرَافِ مُلُوكِ العَرَبِ، وَمِنْ أَعْيَانِ المُهَاجِرِينَ، وَكَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الدَّهَاءَ، وَالفِطْنَةِ وَالحَزْمِ (٣).

* وَفَاةُ عَمْرِو بنِ العَاصِ -رضي اللَّه عنه-:

وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بنُ العَاصِ -رضي اللَّه عنه- سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ لِلْهِجْرَةِ، وَعُمْرُهُ بِضْعٌ وثَمَانُونَ سَنَةً، مَا بَلَغَ التِّسْعِينَ -رضي اللَّه عنه-، وَخَلَّفَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَعَبِيدًا، وَعَقَارًا (٤).


(١) انظر تحفة الأحوذي (١٠/ ٣١٦).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب كون الإسلام يهدم ما قبله - رقم الحديث (١٢١).
(٣) انظر سير أعلام النبلاء (٣/ ٥٩).
(٤) انظر سير أعلام النبلاء (٣/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>