للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَلَمَّا أصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قُمْ فَأَلْقِ عَلَى بِلَالٍ (١) مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ، فَإِنَّهُ أنْدَى (٢) صَوْتًا مِنْكَ".

فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِي عَلَيْهِ ويُؤَذِّنُ بِذَلِكَ، فَسَمِعَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- وهُوَ في بَيْتِهِ، فَقَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ: وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلِلَّهِ الحَمْدُ" (٣).

* كَمْ مُؤَذِّنًا لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟

وكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ: بِلَالُ بنُ رَبَاحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ أُمِّ


= لإِعلامِ الغَائِبِين فيُكَرَّرُ؛ ليكون أوْصَلَ إليهم، بِخِلافِ الإقامَةِ فإنها للحَاضِرِينَ، ومِنْ ثَمَّ استُحِبَّ أن يكون الأذان في مكان عَالٍ بخلاف الإقامة، وأن يكون الصوت في الأذان أرْفَعَ منه في الإقامة، وأن يكون مُرَتَّلًا والإقامة مُسْرعةً، وكَرَّرَ "قدْ قامَتِ الصلاة"؛ لأنها المَقْصُودَة من الإقامة بالذاتِ.
(١) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (٤/ ٦٧): أما السَّبب في تَخْصِيصِ بلال -رضي اللَّه عنه- بالنِّداء والإعلام؛ لأنه أنْدَى صوتًا، فيؤُخَذُ منه استِحْبَابُ كونِ المؤذن رَفِيعَ الصَّوت وحَسَنه، وهذا متفقٌ عليه، قال أصحابنا: فلو وَجَدْنَا مُؤَذِّنًا حسنَ الصوت يطلب على أذَانِهِ رِزْقًا، وآخرُ يتبرَّعُ بالأذانِ لكِنَه غير حسَنِ الصَّوْتِ، فأيهما يؤخَذُ؟
فيه وجهانِ: أصحُّهما يُرْزَقُ حسَنُ الصَّوْتِ.
(٢) أنْدَى: أي أرْفَع وأعْلَى، وقيل: أحسَنُ وأعْذَب. انظر النهاية (٥/ ٣٢).
(٣) أخرج حديث عبد اللَّه بن زيد في رؤياه للأذان: ابن حبان في صحيحه - كتاب الصلاة - باب الأذان - رقم الحديث (١٦٧٩) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٦٤٧٧) (١٦٤٧٨) - وأبو داود في سننه - كتاب الصلاة - باب كيف الأذان - رقم الحديث (٤٩٩) وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>