للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَوْمِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ: أَبُو جَهْلٍ، وهُوَ أَشَدُّ مِنْهُ كُفْرًا، وأَذًى لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لكِنَّ الشَّقَاءَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ القِصَّةِ لِأَنَّهُمُ اشْتَرَكُوا في الأَمْرِ والرِّضَا، وانْفَرَدَ عُقْبَةُ بِالمُبَاشَرَةِ فكَانَ أشْقَاهُمْ، وَلِهَذَا قُتِلُوا في الحَرْبِ، وقُتِلَ عُقْبَةُ صَبْرًا (١).

أيْ أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قُتِلُوا في غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى بِاسْتِثْنَاءَ عُقْبَةَ فَإِنَّهُ كَانَ أسِيرًا فَأَمَرَ الرُّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقَتْلِهِ بِالسَّيْفِ.

* قِصَّةٌ أُخْرَى في إيذَاءِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

ومِمَّا لَقِيَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ المُشْرِكِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ (٢) مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ: واللَّاتِ وَالعُزَّى! لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَن عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ في التُّرَابِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-: فَأتى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وهُوَ يَنْكُصُ (٣) عَلَى عَقِبَيْهِ ويَتَّقِي بَيَدَيْهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا، وأجْنِحَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطفَتْهُ


(١) كل من قُتِل في غير معركة، ولا حرب، ولا خطأ، فإنه مقتول صبرًا. انظر النهاية (٣/ ٨).
وانظر كلام الحافظ في فتح الباري (١/ ٤٦٨).
(٢) يُريدُ به سُجوده علي التراب، من التَّعفِيرِ، وهو التَّمْرِيغِ في التراب. انظر النهاية (٣/ ٢٣٧).
(٣) النُّكوصُ: الرجُوعُ إلى وراءٍ، وهو القَهْقَرَى. انظر النهاية (٥/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>