للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَعَلَى قَوْمِكَ".

قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي (١).

* الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو الدُّوسِيُّ:

وَكَانَ -رضي اللَّه عنه- رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا، رَئِيسَ قَبِيلَةِ دَوْسٍ بِاليَمَنِ، قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ بَعْدَ عَوْدَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ الطَّائِفِ، فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا لَا يَسْمَعُونَ بِقُدُومِ أَحَدٍ مِنْ العَرَبِ عَلَيْهِمْ، إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ، وَحَذَّرُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَوَصَفُوهُ بِكُلِّ نَقِيصَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا طفيْلُ! إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا، وَهَذَا الرَّجُلُ الذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ (٢) بِنَا، وَقَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلَهُ كَالسِّحْرِ، يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا، فَلَا تُكَلِّمْهُ، وَلَا تَسْمَعَنَّ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ الطُّفَيْلُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَوا بِي -أَيْ مَا زَالُوا يُخَوِّفُونِي- حَتَّى أَجَمَعْتُ أَلَّا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا أُكَلِّمُهُ، وَحَتَّى حَشَوْتُ فِي أَذُنِي حِيْنَ غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ كُرْسُفًا (٣)، فَرَقًا (٤) مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي


(١) أخرج هذه القصة: الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة - رقم الحديث (٨٦٨) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٧٤٩).
(٢) أعضَلَ الأمرُ: اشتَدَّ واسَتْغَلْقَ. انظر لسان العرب (٩/ ٢٦٠).
(٣) الكُرْسُفُ: القُطْنُ. انظر النهاية (٤/ ١٤٢).
(٤) الفَرَقُ: بالتحريك أي الخَوْفُ والفَزَعُ. انظر النهاية (٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>