للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجِهَادِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ التَّدَيُّنِ وَالتَّصَوُّنِ وَالتَّعَفُّفِ، وَعَدَمِ الِابْتِذَالِ، وَالوُقُوعِ في المَآثِمِ، وَإِلَّا كَانَ ضَرَرُهَا أَكْثَرَ مِنْ نَفْعِهَا، وَإِفْسَادُهَا أَكْثَرَ مِنْ إِصْلَاحِهَا (١).

* انْحِيَازُ (٢) الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِأَصْحَابِهِ نَحْوَ الجَبَلِ:

وَبَعْدَ أَنْ تَمَكَّنَ الصحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الذِينَ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ صَدِّ هَجَمَاتِ المُشْرِكِينَ، اسْتَطَاعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَشُقَّ الطَّرِيقَ إِلَى بَقِيَّةِ المُسْلِمِينَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَهُ -بَعْدَ انْتِشَارِ شَائِعَةِ قَتْلِهِ- كَعْبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ الشَّرِيفَتَيْنِ تَتَلَأْلَآنِ مِنْ تَحْتِ المِغْفَرِ، فنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ! أَبْشِرُوا! هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَشَارَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنِ اصْمِتْ، وَذَلِكَ لِئَلَّا يَعْرِفَ المُشْرِكُونَ مَكَانَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الصَّوْتَ بَلَغَ إِلَى آذَانِ المُسْلِمِينَ، فَلَاذَ إِلَيْهِ المُسْلِمُونَ، حَتَّى تَجَمَّعَ حَوْلَهُ حَوَالِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَرِحُوا حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَهُمْ، وَهَانَ عَلَيْهِمْ مَا فَاتَهُمْ مِنَ القَوْمِ بَعْدَ ظُهُورِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَنْحَازُوا نَحْوَ جَبَلِ أُحُدٍ، وَعِنْدَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشُقُّ الطَّرِيقَ إِلَى شِعْبِ الجَبَلِ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالحَارِثُ بنُ الصِّمَّةِ، وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو


(١) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة في ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة (٢/ ٢٠٥).
(٢) انحَازَ القومُ: ترَكُوا أماكِنَهُمْ إلى آخر. انظر لسان العرب (٣/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>