أَعْظَمِ، وَأَهَمِّ الِاتِّفَاقِيَّاتِ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ، وَأَنْ يَتِمَّ هَذَا الِاجْتِمَاعُ فِيِ سِرِيَّةٍ تَامَّةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ (١).
* سِيَاقُ بَيْعَةِ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ:
وَلْنَتْرُكْ أَحَدَ قَادَةِ الأنْصَارِ يَصِفُ لَنَا هَذَا الِاجْتِمَاعَ التَّارِيْخِيَّ، الذِي حَوَّلَ مَجْرَى الأيَّامِ فِي صِرَاعِ الوَثَنِيَّةِ وَالإِسْلَامِ، قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: خَرَجْنَا إِلَى الحَجِّ مَعَ حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنْ المُشْرِكِينَ، وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا، وَخَرَجْنَا مِنَ المَدِينَةِ. . . قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ، وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ، لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَهَلْ تَعرِفَانِ العَبَّاسَ بنَ عَبْدَ المُطَّلِبِ، عَمَّهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَكُنَّا نَعْرِفُ العَبَّاسَ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدُمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا. قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا المَسْجِدَ، فَهُوَ الرَّجُلُ الجَالِسُ مَعَ العَبَّاسِ، تَرَكْتُهُ مَعَهُ الآنَ جَالِسًا. قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه-: فَدَخَلْنَا المَسْجِدَ، فَإِذَا العَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمنَا عَلَيْهِمَا، ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلْعَبَّاسِ: "هَلْ تَعرِفُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يا عَبَّاسُ؟ ".
قَالَ: نَعَمْ، هذَانِ الرَّجُلَانِ مِنَ الخَزْرَجِ -وَكَانَتِ الأنْصَارُ إِنَّمَا تُدْعَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْسَهَا وَخْزَرَجَها- هَذَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ رِجَالِ
(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٥٢) - الرحيق المختوم ص ١٤٧ - طبقات ابن سعد (١/ ١٠٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute