للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخْبَرُوهُمُ الخَبَرَ، وَحَذَّرُوهُمْ، فتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ في كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمَّا وَرَدَ (١) أَبُو سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- مَاءَهُمْ وَجَدَ جَمْعَهُمْ قَدْ تَفَرَّقَ، فَعَسْكَرَ وَفرَقَ أَصْحَابَهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ قَامَتْ مَعَهُ، وَفِرْقَتَانِ أَغَارَتَا في نَاحِيَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، فَرَجَعَتَا إِلَيْهِ سَالِمَتَيْنِ، وَقَدْ أَصَابَتَا نَعَمًا كَثِيرَة، ثُمَّ عَادُوا إِلَى المَدِينَةِ ظَافِرِينَ غَانِمِينَ.

* وَفَاةُ أَبِي سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه-:

فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- المَدِينَةَ انْتَفَضَ بِهِ جُرْحُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّى مَاتَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، أَوْ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْهُ (٢).

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صحِيحِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ (٣) بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ"، فَضَجَّ (٤) نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُوُلونَ"، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ


(١) وَرَدَ: حَضَرَ. انظر لسان العرب (١٥/ ٢٦٨).
ومنه قوله تعالى في سورة القصص آية (٢٣): {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ. . .}.
(٢) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (٢/ ٢٧٤) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٣١٩) - البداية والنهاية (٤/ ٤٤٢) - زاد المعاد (٣/ ٢١٨).
(٣) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (٦/ ١٩٨): شَقَّ بصرُهُ: أي ارتفع.
(٤) الضَّجِيجُ: الصِّيَاح عند المَكْرُوهِ والمشقَّة والجَزَع. انظر النهاية (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>