للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّنَةُ التَّاسِعَةُ لِلْهِجْرَةِ وَهِيَ سَنَةُ الْوُفُودِ (١)

كَانَ لِفَتْحِ مَكَّةَ أَثَرٌ كَبِيرٌ في تَعْزِيزِ الْإِسْلَامِ، وَتَغَيُّرِ مَوْقِفِ الْعَرَبِ مِنْهُ، فتَسَارَعُوا إِلَى اعْتِنَاقِ الْإِسْلَامِ.

رَوَى الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ، فنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟

فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّه أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ، فَكَأَنَّمَا يُقَرُّ في صَدْرِي، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ (٢) بِإِسْلَامِهِمُ الْفتْحَ، فَيَقُولُونَ: اترُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَقًّا (٣).


(١) قال ابن هشام في السيرة (٤/ ٢١٤): حدثني أبو عبيدة: كانت سنة تسع، تُسمى سنة الوفود.
(٢) تَلَوَّمُ: بفتح التاء وتشديد الواو: أي تَنْتَظِرُ، أراد تتلوم، فحذف إحدى التاءين تخفيفًا. انظر النهاية (٤/ ٢٣٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب (٥٤) - رقم الحديث (٤٣٠٢) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٠٣٣٣) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٣٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>