للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعْتَبَرُ هَذَا الجَيْشُ أَكْبَرَ جَيْشٍ إِسْلَامِيٍّ يَخْرُجُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى ذَلِكَ الحِينِ، وَلهَذَا سَادَ شُعُورٌ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ (١) أَنَّهُمْ لَنْ يُغْلَبُوا (٢) مِنْ قِلَّةٍ (٣).

* قِصَّةُ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ:

فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَا وَقَعَ فِي قُلُوبِ بَعْضِ المُسْلِمِينَ مِنْ هَذَا الشُّعُورِ، وَهُوَ الِافْتِخَارُ بِكَثْرَتِهِمْ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، قَالَ لَهُمْ: "إِنَّ نَبِيًّا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ أُمَّتُهُ، فَقَالَ: لَنْ يَرُومَ (٤) هَؤُلَاءِ شَيْءٌ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ، أَوِ الجُوعَ، أَوِ المَوْتَ".


(١) قِيل: إن القائل: أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، وقيل: العباس -رضي اللَّه عنه-، وقيل: سلمة بن وَقْش -رضي اللَّه عنه-، وكلها روايات ضعيفة.
(٢) أخرج الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٦٨٢) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٥٧٢) بسند حسن عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربع مئة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يُغلب اثنا عشر ألفًا من قلة".
يعني: لا يهزم جش قِوامه اثنا عشر ألفًا، بسبب قلة عددهم إذا صبروا وصدقوا.
(٣) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تفسيره (٤/ ١٢٥): ويوم حنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئًا، فولوا مدبرين إِلا القليل منهم مع رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أنزل اللَّه نصره وتأييده على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى المؤمنين الذين معه، ليعلمهم أن النصر من عنده سبحانه وتَعَالَى وحده وبإمداده، وإن قل الجمع، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
(٤) رام الشيء: طلبه. انظر لسان العرب (٥/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>