للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* لِمَاذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ؟

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَوْلِ عُمَرَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَصَلَّى عَلَيْهِ إِجْرَاءً لَهُ عَلَى ظَاهِرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَاسْتِصْحَابا لِظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَلمَا فِيهِ مِنْ إِكْرَامِ وَلَدِهِ الذِي تَحَقَّقَتْ صَلَاحِتيهُ، وَمَصْلَحَةِ الِاسْتِئْلَافِ لِقَوْمِهِ، وَدَفع الْمَفْسَدَةِ، وَكَانَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَصْبِرُ عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ، وَيَعْفُو، وَيَصْفَحُ، ثُمَّ أُمِرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتَمَرَّ صَفْحُهُ وَعَفْوُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَمَّنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ بَاطِنُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الِاسْتِئْلَافِ، وَعَدَمِ التَّنْفِيرِ عَنْهُ، وَلذَلِكَ قَالَ: "لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ" (١)، فَلَمَّا حَصَلَ الْفَتْحُ وَدَخَلَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَلَّ أَهْلُ الْكُفْرِ وَذَلُّوا، أُمِرَ بِمُجَاهَرَةِ الْمُنَافِقِينَ وَحَمْلِهِمْ عَلَى حُكْمِ مُرِّ الْحَقِّ، وَلَاسِيَّمَا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ النَّهْي الصَّرِيحِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُمِرَ فِيهِ بِمُجَاهَرَتِهِمْ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ عَمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى (٢).

* فَوَائِدُ هَذِهِ الْقِصَّةِ:

وَفِي قِصَّةِ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مِنَ الْفَوَائِدِ:

١ - أَنَّ الْمُنَافِقَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ.


(١) أخرج هذا الحديث: البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٤٩٠٥) (٤٩٠٧) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (٢٥٨٤) (٦٣).
(٢) انظر فتح الباري (٩/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>