للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظُهُورُ النِّفَاقِ وَالمُنَافِقِينَ فِي المَدِينَةِ

لَمْ يَكُنْ فِي مَكَّةَ نِفَاقٌ؛ لِأَنَّ المُسْلِمِينَ كَانُوا ضِعَافًا، وَكَانَ كُلُّ مَنْ يَدْخُلُ فِي الإِسْلَامِ يَتَعَرَّضُ لِلْخَطَرِ وَالضَّرَرِ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا مَنْ صَدَقَ عَزْمُهُ، وَقَوِيَ إِيمَانُهُ، وَجَازَفَ بِحَيَاتِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ، فَلَمَّا انْتَقَلَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى المَدِينَةِ، وَاسْتَقَرَّ بِهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَبَعْدَ الهَزِيمَةِ السَّاحِقَةِ التِي تَعَرَّضَ لَهَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى، بَدَأَتْ ظَاهِرَةُ النِّفَاقِ تَظْهَرُ، فَدَخَلُوا فِي الإِسْلَامِ ظَاهِرًا، وَأَبْطَنُوا الكُفْرَ وَالحِقْدَ وَالكَيْدَ فِي قُلُوبِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَكَانَ زَعِيمُ المُنَافِقِينَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبي بنِ سَلُولٍ، الذِي كَانَ قَوْمُهُ قَدْ نَظَمُوا لَهُ الخَرَزَ لَيُتَوِّجُوهُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ قَبْلَ مَقْدَمِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ -كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ- (١).

أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: . . . فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ (٢)،


(١) انظر كلام الشيخ أبي الحسن النَّدْوي في هذا الموضوع في كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة - ص ٢٠٠.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٢): توَجَّه: أي ظَهَرَ وَجْهُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>