للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* هَذِهِ أَهَمُّ السَّرَايَا:

هَذِهِ هِيَ السَّرَايَا وَالْغَزَوَاتُ بَعْدَ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ، لمَ يَجْرِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا قِتَالٌ مَرِير، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِيمَا وَقَعَتْ مُصَادَمَةٌ خَفِيفَةٌ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْبُعُوثُ إِلَّا دَوْرِيَّاتٍ اسْتِطْلَاعِيَّةٍ، أَوْ تَحَرُّكَاتٍ تَأْدِيبِيَّةٍ، لِإِرْهَابِ الْأَعْرَابِ وَالْأَعْدَاءَ الذِينَ لَمْ يَسْتَكِينُوا بَعْدُ.

وَيَظْهَرُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ فِي الظُّرُوفِ أَنَّ مَجْرَى الْأَيَّامِ كَانَ قَدْ أَخَذَ فِي التَّطَوُّرِ بَعْدَ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ، وَأَنَّ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ كَانَتْ مَعْنَوِيَّاتُهُمْ فِي انْهِيَارٍ مُتَوَاصِلٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُمْ أَمَلٌ فِي نَجَاحِ كَسْرِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَخَضْدِ (١) شَوْكَتِهَا، إِلَّا أَنَّ هَذَا التَّطَوُّرَ ظَهَرَ جَلِيًّا (٢) بِصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمْ تَكُنْ الْهُدْنَةُ إِلَّا الِاعْتِرَافَ بِقُوَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّسْجِيلَ عَلَى بَقَائِهَا فِي رُبُوعِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ (٣).

* * *


(١) الْخَضْدُ: الكَسْرُ أو القَطْعُ. انظر النهاية (٢/ ٣٨).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة الواقعة آية (٢٨): {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}، أي الذي قُطْعَ شَوْكُهُ.
(٢) الْجَلِيُّ: الوَاضِحُ. انظر لسان العرب (٢/ ٣٤٣).
(٣) انظر الرحيق المختوم ص (٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>