للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وَهْمُ الإِمَامِ التِّرْمِذِيِّ:

قُلْتُ: وَهِمَ الإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ في جَامِعِهِ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ لِابْنِ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه-: وَرُوِيَ في غَيْرِ هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَخَلَ مَكَّةَ في عُمْرَةِ القَضَاءَ، وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الحَدِيثِ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه- قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عُمْرَةُ القَضَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ (١).

وَتَعَقَّبَهُ الحَافِظُ في الفَتْحِ فَقَالَ: وَهُوَ ذُهُولٌ شَدِيدٌ وَغَلَطٌ مَرْدُودٌ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ وَقَعَ التِّرْمِذِيُّ في ذَلِكَ مَعَ وُفُورِ مَعْرِفَتِهِ، وَمَعَ أَنَّ في قِصَّةِ عُمْرَةِ القَضَاءَ اخْتِصَامُ جَعْفَرَ وَأَخِيهِ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ في بِنْتِ حَمْزَةَ -رضي اللَّه عنه- (٢)، وَجَعْفَرُ قُتِلَ وَزَيْدٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ في مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَى التِّرْمِذِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ؟ ! (٣).


= الحديث (٥٧٨٨) - والترمذي في جامعة - كتاب الأدب - باب ما جاء في إنشاد الشعر - رقم الحديث (٣٠٦١) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (٣٢٢٨) وإسناده صحيح.
(١) قال الإِمام الذهبي في السير (١/ ٢٣٦): كلا، بل مؤتة بعدها بستة أشهر جزمًا.
وانظر كلام الإِمام الترمذي في جامعة (٥/ ١٢١).
(٢) ستأتي بعد قليل اختصامهم في ابنة حمزة -رضي اللَّه عنه- في نهاية عمرة القضاء.
(٣) انظر فتح الباري (٨/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>