للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- كَثِيرًا مَا يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الهِجْرَةِ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِبًا"، فَيَطْمَعُ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ الصَّاحِبُ (١).

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ فِي حَدِيثِ الهِجْرَةِ الطَّوِيلِ: . . . فهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَلَى رِسْلِكَ (٢)، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ (٣) -وَهُوَ الخَبَطُ- أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (٤).

* اجْتِمَاعُ قُرَيْشٍ فِي دَارِ النَّدْوَةِ وَائْتِمَارُهَا عَلَى قَتْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

وَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ صَارَتْ لَهُ شِيعَةٌ (٥)، وَأَصْحَابٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ بَلَدِهِمْ، وَرَأَوْا خُرُوجَ أَصْحَابِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ بِذَرَارِيهِمْ


(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٩٤) - الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ١٠٩).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٤٢): الرِسْل: بكسر الراء أي على مَهْلِكَ.
وفي رواية ابن حبان في صحيحه بسند صحيح - رقم الحديث (٦٢٧٩) قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر: "اصبِر".
(٣) السَّمُر: هو نوعٌ من شجر الطَّلْحِ. انظر النهاية (٢/ ٣٥٩).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب مناقب الأنصار - باب هجرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة - رقم الحديث (٣٩٠٥).
(٥) الشِّيعة: الأتباع والأنصار، انظر النهاية (٢/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>