للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* خُرُوجُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ بَيْتِهِ إِلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ:

وَمَعَ غَايَةِ اسْتِعْدَادِ قُرَيْشٍ لِتَنْفِيذِ خُطَّتِهِمْ، وَإِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْرُجُ (١)، وَيَخْتَرِقُ صُفُوفَهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ عَنْهُ فَلَا يَرَوْنَهُ، وَأَخَذَ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَفْنَةً (٢) مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ فَجَعَلَ يَنْثُرُهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَهُوَ يَتْلُو قَولَهُ تَعَالَى: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} (٣).

حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ هَؤُلَاءِ الآيَاتِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، مَضَى إِلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-.

وَبَقِيَ المُشْرِكُونَ يَنتظِرُونَ خُرُوجَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ خَرَجَ، وَأَعْمَى اللَّهُ أَعْيُنَهُمْ عَنْهُ (٤).


(١) قال الشيخ علي الطنطاوي في كتابه رجال من التاريخ ص ١٦: هنا تتجلى رُجُولة الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وشجاعتُه، وثباتُ أعصَابِهِ، وهُنَا يظهَرُ نَصْرُ اللَّه لأوليائِهِ، حينَ فتَحَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الباب، وخرج يَشُقُّ صُفوفهم، يَقْتَحِمُ الجموعَ، التي جاءت تطلُبُ دَمَه، أرادوا قتله وأراد اللَّه حياته، فتَمَّ ما أرادَ اللَّه، وروعَتهم المفاجأة وأعَمْت أبصارهم، وما عادوا إلى أنفسهم حتى كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ مضى.
(٢) الحَفْنَةُ: هي مِلْءُ الكف. انظر النهاية (١/ ٣٩٣).
(٣) سورة يس الآيات من (١/ ٩).
(٤) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>