للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْصُدُونَهُ مَتَى يَنَامُ، فَيَثبُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ: أَبُو جَهْلِ بنُ هِشَامٍ - الحَكَمُ بنُ أَبِي العَاصِ - عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْطٍ - أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ - زَمْعَةُ بنُ الأَسْوَدِ - طُعَيْمَةُ بنُ عَدِيٍّ - أَبُو لَهَبٍ - أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ - نُبَيْهُ بنُ الحَجَّاجِ.

وَكَانُوا عَلَى ثِقَةٍ وَيَقِينٍ جَازِمٍ مِنْ نَجَاحِ هَذِهِ المُؤَامَرَةِ الدَّنِيَّةِ، حَتَّى وَقَفَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقْفَةَ الخُيَلَاءِ، وَقَالَ: مُخَاطِبًا لِأَصْحَابِهِ المُطَوِّقِينَ فِي سُخْرِيَةٍ وَاسْتِهْزَاءٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ، كُنْتُمْ مُلُوكَ العَرَبِ وَالعَجَمِ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ، فَجُعِلَتْ لَكُمْ جِنَانٌ كَجِنَانِ الأُرْدُنِ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ لَهُ فِيكُمْ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ، ثُمَّ جُعِلَتْ لَكُمْ نَارٌ تُحْرَقُونَ فِيهَا.

فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَانَهُمْ قَالَ لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ: "نَمْ عَلَى فِرَاشِي، وَتَسَجَّ (١) بِبُرْدِي (٢) هَذَا الحَضْرَمِيِّ الأَخْضَرِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْلُصَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ" (٣).

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنَامُ فِي برْدِهِ ذَلِكَ إِذَا نَامَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلِيًّا بِخُرُوجِهِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- (٤).


(١) سُجِّيَ بِبُرْدٍ: أي غُطِّي، والمُتَسَجِّي: المُتَغَطِّي. انظر النهاية (٢/ ٣١٠).
(٢) البُرْدُ: هي نَوْعٌ مِنَ الثياب، والبُرْدَةُ: كِسَاء أسود. انظر النهاية (١/ ١١٦).
(٣) قلتُ: وبهذه الفِدَائِيَّة من علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- صارَ أوَّل فِدَائِي فِي الإسلام، فقد وَقَى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنفسه.
(٤) انظر دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٤٧٠) - شرح المواهب (٩٦١٢) - الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ١٠٩) - سيرة ابن هشام (٢/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>