للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* خُطْبَةُ أَبِي طَالِبٍ:

ثُمَّ إِنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَعْمَامِهِ، فَأَقَرُّوا لَهُ ذَلِكَ، ورَضَوْهَا زَوْجَةً لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخَرَجَ مَعَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وعَمُّهُ حَمْزَةُ، حتَّى دَخَلُوا عَلَى عَمْرِو بنِ أَسَدٍ (١) عَمِّ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَخَطَبُوا إِلَيْهِ ابْنَةَ أَخِيهِ، وحَضَرَ العَقْدَ رُؤَسَاءُ مُضَرَ، فقامَ أَبُو طَالِبٍ فَخَطَبَ فقَالَ: الحَمْدُ للَّهِ الذِي جَعَلَنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ، وزَرْعِ إسْمَاعِيلَ، وضِئْضِئِ (٢) مَعْدٍ، وجَعَلَنَا حَضَنَةَ بَيْتِهِ وسُوَّاسَ (٣) حَرَمِهِ، وجَعَلَ لنَا بَيْتًا مَحْجُوجًا، وحَرَمًا آمِنًا، وجَعَلَنَا الحُكَّامَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ إِنَّ ابنَ أخِي هَذَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ لا يُوزَنُ بِرَجُلٍ إِلَّا رَجَحَ بِهِ شَرَفًا، ونُبْلًا، وفَضْلًا، وعَقْلًا، فَإِنْ كَانَ في المَالِ قُلٌّ، فإنَّ المَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ، وأمْرٌ


(١) هذا هو قول الجمهور، من أن ولي خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في زواجها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو: عمُّها عمرو بن أسد.
قال الإمام السهيلي في الرَّوْض الأُنُف (١/ ٣٢٥): وهو الصحيح؛ لأن أباها خُوَيْلد كان قد هَلك قبْلَ حَرْبِ الفِجَار.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٧٠١): المُجْمَع عليه أن عمَّها عمرو بن أسد هو الذِي زوَّجَها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) الضِّئْضِئُ: الأصْلُ. انظر النهاية (٣/ ٦٤).
(٣) السِّياسَةُ: هي القِيَام علي الشيء بما يصلحه. انظر النهاية (٢/ ٣٧٨).
ومنه قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٣٤٥٥) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (١٨٤٢) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كانت بَنُو إسرائيل تَسُوسُهُمُ الأنبِيَاءُ".
أي تتولي أمورهم كما تفعل الأمَرَاءُ والوُلاة بالرَّعِيَّة. انظر النهاية (٢/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>