للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* آيَةُ الرُّوحِ مَكِّيَّةٌ أَمْ مَدَنِيَّةٌ؟ .

قُلْتُ: وَقَعَ في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اليَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الرُّوحِ، وهُوَ في المَدِينَةِ، فَعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: بَيْنَمَا أنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حَرْثٍ (١)، وهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ (٢)، إذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟ فقالُوا: مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ (٣)؟ لا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءِ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالُوا: سَلُوهُ فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَكانِي، فَلَمَّا نَزَلَ الوَحْيُ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (٤).

قَالَ الحافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: قَدْ يُجابُ عَنْ هَذَا: بأنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَزَلَتْ عَلَيْهِ بالمَدِينَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً كَمَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ بأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ عَمَّا سَأَلُوهُ بِالآيَةِ المُتَقَدِّمِ إنْزالُها عَلَيْهِ (٥).

وَقَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: يُمْكِنُ الجَمْعُ بِأَنْ يَتَعَدَّ النُّزُولُ بِحَمْلِ سُكُوتِهِ في


(١) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١٧/ ١١٣): أي موضع الزرع.
(٢) العَسِيبُ: هو جَرِيدَةُ النَّخْلِ. انظر النهاية (٣/ ٢١٢).
(٣) ما رَابَكُمْ إليهِ: ما حاجتكم إليه. انظر النهاية (٢/ ٢٦٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} - رقم الحديث (٤٧٢١) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين - باب سُؤالِ اليهُودِ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الروح - رقم الحديث (٢٧٩٤).
(٥) انظر تفسير ابن كثير (٥/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>