للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمَّنُونَا فِيهَا فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ غِرَّةً (١)، فَأَبَوْا ذَلِكَ، وَقَالُوا: نُفْسِدُ سَبْتَنَا عَلَيْنَا، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فَعَلَ اللَّهُ فِي الذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ مِنَ الْمَسْخِ (٢)، فَقَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الدَّهْرِ حَازِمًا (٣).

* مَوْقِفُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِي القُرَظِي:

وَقَالَ لَهُمْ عَمْرُو بْنُ سَعْدِي: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ إِنَّكُمْ قَدْ حَالَفْتُمْ مُحَمَّدًا عَلَى مَا حَالَفْتُمُوهُ عَلَيْهِ، أَلَّا تَنْصُرُوا عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ عَدُوِّهِ، وَأَنْ تَنْصُرُوهُ مِمَّنْ دَهَمَهُ (٤)، فَنَقَضْتُمْ ذَلِكَ الْعَهْدَ الذِي كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، فَلَمْ أَدْخُلْ فِيهِ، وَلَمْ أُشْرِكْكُمْ فِي غَدْرِكُمْ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا مَعَهُ فَاثْبُتُوا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَأَعْطُوا الْجِزيةَ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي يَقْبَلُهَا أَمْ لَا، قَالُوا: نَحْنُ لَا نُقِرُّ لِلْعَرَبِ بِخَرَاجٍ (٥) فِي رِقَابِنَا يَأْخُذُونَهَا بِهِ، القتْلُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ!

قَالَ: فَإِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ، وَخَرَجَ (٦).


(١) الغِرَّةُ: الغَفْلَةُ. انظر النهاية (٣/ ٣١٩).
(٢) الْمَسْخُ: هو قَلْبُ الخِلْقَةِ مِنْ شيءٍ إلى شيء. انظر النهاية (٤/ ٢٨٠).
(٣) انظر التفاصيل في: البداية والنهاية (٤/ ٥٠٣) - دلائل النبوة للبيهقي (٤/ ١٥).
(٤) دَهَمَهُمْ: غَشِيَهُمْ. انظر لسان العرب (٤/ ٤٣١).
(٥) الْخَرَاجُ: هو شيءٌ يُخْرِجُهُ القومُ في السَّنَةِ من مِالهِمْ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ. انظر لسان العرب (٤/ ٥٤).
(٦) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٢٦٢) - سيأتي بعد قليل خبر نجاة عمرو بن سعدي من الذبح بسبب وفاءه.

<<  <  ج: ص:  >  >>