للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وُصُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى وَادِي مُحَسِّرٍ:

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسِيرُ سَيْرًا لَيِّنًا، وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، فَلَمَّا أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ (١) ناقَتَهُ قلِيلًا (٢).

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْمَوَاضِعِ التِي نَزَلَ فِيهَا بَأْسُ اللَّهِ بِأَعْدَائِهِ، فَإِنَّ هُنَالِكَ أَصَابَ أَصْحَابَ الْفِيلِ مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَلذَلِكَ سُمِّيَ ذَلِكَ الْوَادِي وَادِي مُحَسِّرٍ؛ لِأَنَّ الْفِيلَ حَسَرَ فِيهِ، أَيْ أَعْيَى، وَانْقَطَعَ عَنِ الذَّهَابِ إِلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ -صلى اللَّه عليه وسلم- في سُلُوكِهِ الْحِجْرَ دِيَارَ ثَمُودَ، فَإِنَّهُ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ، وَأَسْرَعَ السَّيْرَ (٣).

وَلَمَّا أَوْضَعَ (٤) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في وَادِي مُحَسِّرٍ، قَالَ لِلنَّاسِ: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الخَذْفِ الذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ"، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ، وَقَالَ: "لِتَأْخُذْ أُمَّتِي مَنْسَكَهَا، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا ألقَاهُمْ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" (٥).


(١) في رواية أخرى في مسند الإمام أحمد - رقم الحديث (٦١٣): قَرَعَ -أي ضربها بسوطه-. انظر النهاية (٤/ ٣٨).
(٢) أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب حجة النبي -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (١٢١٨) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٥٥٣) (٢١٨١٢).
(٣) انظر زاد المعاد (٢/ ٢٣٦) -وقد ذكرنا- في غزوة تبوك - ما فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما مرَّ على ديار ثمود، فراجعه.
(٤) أوضع: أسرع. انظر النهاية (٥/ ١٧١).
(٥) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٥٥٣) - وابن ماجة في سننه - كتاب المناسك - باب الوقوف بجمع - رقم الحديث (٣٠٢٣) - وإسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>