للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَرَحِيلُ الْمُسْلِمِينَ:

ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا، وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أبا بَكْرٍ! إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُهْدِيَتْ لِي قَعْبَةٌ (١) مَمْلُوءَةٌ زُبْدًا، فنَقَرَهَا دِيكٌ، فَهَرَاقَ مَا فِيهَا"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: مَا أَظُنُّ أَنْ تُدْرِكَ مِنْهُمْ يَوْمَكَ هَذَا مَا تُرِيدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَأَنَا لَا أَرَى ذَلِكَ" (٢).

وَلَمَّا طَالَ حِصَارُ الطَّائِفِ وَاسْتَعْصَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُؤْذَنْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِفَتْحِ الطَّائِفِ، قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-: "نَادِ فِي النَّاسِ: إِنَّا قَافِلُونَ (٣) إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَنْكَرُوهُ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلَا نَفْتَحُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ"، فَغَدَوْا فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحْرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا وَائْتِ بِهِمْ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، فَسُرُّوا بِذَلِكَ وَأَذْعَنُوا، وَجَعَلُوا يَرحَلُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَضْحَكُ (٤).


(١) الْقَعبُ: القَدَحُ الضخمُ. انظر لسان العرب (١١/ ٢٣٥).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ١٣٦).
(٣) قَفَلَ: رَجَعَ. انظر النهاية (٤/ ٨١).
(٤) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الطائف - رقم الحديث (٤٣٢٥) - ومسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة الطائف - رقم الحديث (١٧٧٨) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (٦١٧٤).
وأخرج دعاء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لثقيف بالهداية: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٧٠٢) - والترمذي في جامعه - كتاب المناقب - باب مناقب في ثقيف وبني حنيفة - رقم الحديث (٤٢٨٥) - وإسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>