للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَجْرُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَزْوَاجَهُ

وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ، وَقَبْلَ غَزْوَةِ تَبُوكَ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَزْوَاجَهُ، وَآلَى (١) مِنْهُنَّ شَهْرًا، فَاعْتَزَلَ عَنْهُنَّ فِي مَشْرُبَةٍ (٢) لَهُ.

* سَبَبُ هَذَا الْهَجْرِ:

اخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الذِي مِنْ أَجْلِهِ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نِسَاءَهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ، أَنَّ أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ (٣)، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ -وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ- فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ: ذَلِكَ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ"، فنَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ. . .} إِلَى قَوْلِهِ


(١) آلَ: رَجَعَ. انظر لسان العرب (١/ ٢٦٤) - النهاية (١/ ٨١).
(٢) قال الحافظ في الفتح (١٠/ ٣٥٨): المَشْرُبَة: بضم الراء وفتحها هي الْغُرْفَة. وانظر النهاية (٢/ ٤٠٨).
(٣) المَغَافِيرُ: بفتح الميم، واحدها مُغْفُور: بضم الميم، وهو صَمْغٌ حُلْوٌ لَهُ رَائحةٌ كريهةٌ، يخرج في الشجر. انظر النهاية (٣/ ٣٣٦) - فتح الباري (١٠/ ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>