للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَوْلَهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا ذَرَارِيَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ، فرفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنِي" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِنْدَ ذَلِكَ: "دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ" (١).

* تَحَقُّقُ الْمُعْجِزَاتِ:

وَقَدْ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيمَا قَالَ، وَلَمْ يَمْضِ عَلَى هَذهِ الْحَادِثَةِ إِلَّا نَحْوُ رُبْعِ قَرْنٍ حَتَّى فُتِحَتْ هَذِهِ الْبِلَادُ كُلُّهَا، فَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ هَذَا الْحَادِثِ بِتِسْعِ سِنِينٍ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ الْيَرْمُوكِ الْعَظِيمَةُ وَالتِي قَادَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَليدِ -رضي اللَّه عنه- وَهُزِمَ فِيهَا الرُّومُ، وَفُتِحَتْ الشَّامُ.

وَفِي السَّنَةِ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ هَذَا الْحَادِثِ بِعَشْرِ سِنِينٍ، وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ القادِسِيَّةِ الْعَظِيمَةُ بِقِيَادَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي اللَّه عنه-، وَهُزِمَ فِيهَا الْفُرْسُ هَزِيمَةً نَكْرَاءَ، وَفُتِحَتْ فِيهَا بِلَادُ الْعِرَاقِ.

* مَوْقِفُ الْمُنَافِقِينَ مِنْ بِشَارةِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَإِنَّهُ لَمَّا بَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَصْحَابَهُ بِالْفتْحِ، قَالُوا: أَلَا


(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب السير - باب غزوة الترك والحبشة - رقم الحديث (٤٣٧٠) - والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤١٧) - وأورده ابن الأَثِيرِ في جامعِ الأُصولِ - رقم الحديث (٨٩٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>