للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَةً، وَلَا سَأَلْتُهَا في سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ (١).

* الْبَيْعَةُ الْعَامَّةُ:

تَمَّتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه- في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءَ، اجْتَمَعَ النَّاسُ في الْمَسْجِدِ، فَكَانَتِ الْبَيْعَةُ الْعَامَّةُ.

قَالَ أَنَسٌ -رضي اللَّه عنه-: لَمَّا بُويع أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- في السَّقِيفَةِ، وَكَانَ الْغَدُ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- فتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَكُمْ بِالْأَمْسِ مَقَالَةً مَا كَانَتْ، وَمَا وَجَدْتُهَا في كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا كَانَتْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَكِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى يدَبرنَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ، فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَبْقَى فِيكُمْ كِتَابَهُ الذِي بِهِ هَدَى اللَّهُ رَسُوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَإِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِمَا كَانَ هَدَاهُ لَهُ، وَإِنَّ اللَّه قَدْ جَمَعَ أَمْرَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثَانيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا في الْغَارِ (٢)، فَإِنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ، فَبَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ


(١) أورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٥/ ٢٦٢) - وجود إسناده.
(٢) قال ابن التين فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (١٥/ ١٢٣): قدم الصحبة لشرفها, ولما كان غيره قد يشاركه فيها عطف عليها ما انفرد به أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، وهو كونه "ثاني اثنين"، وهي أعظم فضائله التي استحق بها أن يكون الخليفة من بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>