للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَعَوْتَنِي وَعَلِمْتُ أَنَّكَ صَادِقٌ ... وَلقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قَبْلُ أَمِينَا

فَاقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِ بِقَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ (١).

* اسْتِغْفَارُ المُسْلِمِينَ لِمَوْتَاهُمُ الكُفَّارِ:

وَأَخَذَ المُسْلِمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الذِينَ مَاتُوا وَهُمْ مُشْرِكُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (٢).

وأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (٣).


(١) انظر فتح الباري (٧/ ٥٩٤).
(٢) سورة التوبة آية (١١٣).
(٣) سورة القصص آية (٥٦).
قال الحافظ في الفتح (٧/ ٥٩٣) - (٩/ ٤٥٩): أما نُزول هذهِ الآيةِ الثانيةِ فَوَاضِحٌ في قِصَّةِ أبي طالب، وأما نُزُولُ التي قبلها فَفِيهِ نظرٌ، ويظهرُ أَنَّ المُراد أن الآية المُتَعَلِّقَةَ بالاستغفارِ نَزَلت بعدَ أبي طالب بِمُدَّةٍ، وهي عامَّة في حقِّه وفي حَقِّ غيره، ويُؤَيِّدُ تأخيرَ النُّزُولِ، ما تقدَّمَ في تفسِيرِ براءَة من استغفارِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للمُنَافِقِينَ حتَّى نَزَلَ النهيُ عن ذلك، فإن ذلك يَقْتَضِي تأخِيرَ النُّزُولِ، وإن تَقَدَّمَ السَّبب، ويُشير إلى ذلك أيضًا قوله في حديثِ البابِ وأنزل اللَّه في أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} لأنهُ يُشْعِرُ بأن الآية الأولى نزلت في أَبِي طالب وفي غيره، والثانية نزلت فيه وَحْدَه، ويؤيِّدُ تعدُّدَ السَّبَبِ ما أخرجَ أحمدُ في مسندِهِ بسندٍ حسن - رقم الحديث (٧٧١) من طريق أبي إسحاق عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>