للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مَقْتَلُ أَبِي عَزَّةَ الجُمَحِيِّ:

وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى المَدِينَةِ أَبَا عَزَّةَ الجُمَحِيَّ (١)، وَهُوَ الذِي كَانَ قَدْ مَنَّ (٢) عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ أُسَارَى بَدْرٍ، لِفَقْرِهِ وَكَثْرَةِ بَنَاتِهِ، وَعَلَى أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ وَلَا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا، فنَقَضَ العَهْدَ، وَخَرَجَ مَعَ قُرَيْشٍ، وَصَارَ يَسْتَنْفِرُ النَّاسَ وَيُحَرِّضُهُمْ بِأَشْعَارِهِ عَلَى قِتالِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا أُسِرَ جِيءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقِلْنِي (٣)، وَامْنُنْ عَلَيَّ، فَإِنَّ لِي بَنَاتٍ، وَأُعْطِيكَ عَهْدًا أَنْ لَا أَعُودَ لِمِثْلِ مَا فَعَلْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَاللَّهِ، لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ (٤) بِمَكَّةَ بَعْدَهَا، وَتَقُولُ: خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ".

وَفِي لَفْظٍ: "سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ مَرَّتَيْنِ، اضْرِبْ عُنُقَهُ يَا زُبَيْرُ".

وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" (٥)،


= (٤/ ٤٢٦) - سيرة ابن هشام (٣/ ١٣٣).
(١) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في البداية والنهاية (٤/ ٤٣٠): ولم يُؤْسَر من المشركين سِوى أبي عَزَّة الجمحي كما ذكره الشافعي وغيره، وقتله رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَبْرًا بين يديهِ أمَرَ الزبير، ويقال: عاصم بن ثابت، فضرب عنقه.
كل من قُتل في غير معركةٍ ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتُولٌ صَبْرًا. انظر النهاية (٣/ ٨).
(٢) مَنَّ عليه: أحسنَ وأنعَمَ. انظر لسان العرب (١٣/ ١٩٧).
(٣) أقالَهُ: صفَحَ عنه وتجَاوَزَ. انظر لسان العرب (١١/ ٢٨٩).
(٤) عارِضَا الإنسان: صَفْحَتَا خدَّيْه. انظر النهاية (٣/ ١٩٢).
(٥) أخرج هذا الحديث البخاري في صحيحه - كتاب الأدب - باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين - رقم الحديث (٦١٣٣) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين- رقم الحديث (٢٩٩٨) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٥٩٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>