للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا رَاحَ بُدَيلُ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَئِنْ جَاءَ بُدَيلُ المَدِينَةَ لَقَدْ عَلَفَ (١) بِهَا النَّوَى (٢)، فَأَتَى مَبْرَكَ رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَ مِنْ بَعْرِهَا، فَفَتَّهُ، فَرَأَى فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ، لَقَدْ جَاءَ بُدَيلٌ مُحَمَّدًا.

* مَوْقِفُ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:

ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ رَمْلَةَ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- طَوَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّهُ! أَرَغِبْتِ بِي عَنْ هَذَا الفِرَاشِ، أَمْ رَغِبْتِ بِهِ عَنِّي؟

قَالَتْ: بَلْ هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَنْتَ مُشْرِكٌ نَجِسٌ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ تَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَكِ يَا بُنَيَّةُ بَعْدِي شَرٌّ، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! اشْدُدِ العَقْدَ، وَزِدْنَا فِي المُدَّةِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلِذَلِكَ قَدِمْتَ! هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ قِبَلَكُمْ؟ ".

قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، نَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلْحِنَا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، لَا نُغَيِّرُ وَلَا نُبَدِّلُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* طَلَبُ أَبِي سُفْيَانَ الشَّفَاعَةَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ:

فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذَهَبَ.


(١) علف: هو ما تأكله الماشية. انظر النهاية (٣/ ٢٦٠).
(٢) النَّوَى: جمع نواة التمر. انظر لسان العرب (١٤/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>