للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ، والتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ (١).

قَالَتْ: ثُمَّ جَاءَ الزُّبَيْرُ -رضي اللَّه عنه- وهُوَ يَسْعَى، فَلَمَعَ بِثَوْبِهِ (٢)، وهُوَ يَقُولُ: ألَا أبْشِرُوا، فَقَدْ ظفَرَ النَّجَاشِيُّ، وأهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ، ومَكَّنَ لَهُ فِي بِلَادِهِ، قَالَتْ أُمُّ سلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا فَرِحْنَا فَرْحَةً قَطُّ مِثْلَهَا (٣).

* بَقَاءُ المُسْلِمِينَ فِي الحَبَشَةِ:

وَبَقِيَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- مَعَ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الحَبَشَةِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، ثُمَّ قَدِمَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فكَانَ بَقَاؤُهُ فِي الحَبَشَةِ أكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، وهِيَ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ، لَابُدَّ أَنَّ جَعْفَرًا قَدِ انتفَعَ بِهَا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلامِ، والتَّعْرِيفِ بِهِ فِي بَلَدٍ امْتَازَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ البِلَادِ النَّصْرَانِيَّةِ بِالتَّسَامُحِ وإيوَاءِ المُضْطَهَدِينَ، وعُرِفَ حَاكِمُهُ بِالعَدْلِ والإِنْسَانِيَّةِ، ولَكِنْ العَهْدَ لَمْ يَكُنْ عَهْدَ تَسْجِيلِ الحَوَادِثِ، ولَيْسَتْ أَمَامَنَا وثَائِقُ تَارِيخِيَّةٌ تُثْبِتُ ذَلِكَ، ولَكِنِ القِيَاسَ يَقْتَضِيهِ (٤).


(١) قال الشيخ أبو الحسن النَّدْوي فِي كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة، ص ١٣٥: وَكَانَ هذا الدُّعاء من المسلمينَ للنجاشِيِّ اعتِرَافًا بحُسْنِ مَوقفِهِ منَ المهاجِرينَ المُضْطَهَدِينَ، ومكافأتَهُ على حُسْنِ صَنِيعِهِ، وَكَانَ ذلكَ مُطَابقًا لتعاليمِ الإِسلامِ الخُلُقِيَّةِ، وَلائِقًا بأخلاقِ المُسْلِمِينَ.
(٢) لَمَعَ بِثَوْبِهِ: إِذَا رَفَعَهُ وحرَّكَهُ ليَرَاهُ غيرهُ فيَجِيءَ إليه. انظر النهاية (٤/ ٢٣٣).
(٣) أخرج قِصَّة التمكين للنجاشي في ملكه: الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٧٤٠) (٢٢٤٩٨) - وابن إسحاق في السيرة (١/ ٣٧٥) - وإسناده حسن. .
(٤) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة لأبي الحسن النَّدْوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>