للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ شَدَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَقْدَ نَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأَحْكَمَهُ بِقَوْلهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ. . .} إلى قوله تَعَالَى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (١).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَاتِ: ذَكَرَ تَعَالَى أصْنَافَ المُؤْمِنِينَ، وقَسَمَهُمْ إلى مُهَاجِرِينَ، خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وأمْوَالِهِمْ، وجَاؤُوا لِنَصْرِ اللَّهِ ورَسُولهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، وبَذَلُوا أمْوَالَهُمْ وأنْفُسَهُمْ في ذَلِكَ، وَإِلَى أنْصَارٍ، وهُمُ المُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ، آوَوْا إخْوَانَهُمْ المُهَاجِرِينَ في مَنَازِلهِمْ، ووَاسَوْهُمْ في أمْوَالِهِمْ، ونَصَرُوا اللَّه وَرَسُولَهُ بِالقِتَالِ مَعَهُمْ، فَهَؤُلَاءَ بَعْضُهُمْ أوْلَى بِبَعْضٍ، أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمْ أَحَقُّ بِالآخَرِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِهَذَا آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، كُلُّ اثْنَيْنِ أخَوَانِ، فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ إِرْثًا مُقَدَّمًا عَلَى القَرَابَةِ، حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالمَوَارِيثِ (٢).

* كَمْ مَرَّةً حَدَثَتِ المُؤَاخَاةُ؟ :

ذَكَرَ أصْحَابُ المَغَازِي أَنَّ المُؤَاخَاةَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ:


(١) سورة الأنفال الآيات (٧٢ - ٧٤).
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>