للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيَّةُ الْخَبَطِ (١)

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ -رضي اللَّه عنه- فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَفِيهِمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، لِيَرْصُدُوا (٢) عِيرًا لِقُرَيْشٍ (٣) مِمَّا يَلِي سَاحِلَ الْبَحْرِ، وَقَدْ زَوَّدَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جِرَابًا (٤) مِنْ تَمْرٍ، لَمْ يَجِدْ لَهُمْ غَيْرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِي زَادُهُمْ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ -رضي اللَّه عنه- بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمعَ فَكَانَ مِزْوَدَيْ (٥) تَمْرٍ، فَكَانَ يَقَوتُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى فَنِي، فَكَانَ يُعْطِي كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ تَمْرَةً وَاحِدَةً، فَكَانُوا يَمُصُّونَهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ يَشْرَبُوا عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَكَانَتْ تَكْفِيهِمْ يَوْمَهُمْ إِلَى اللَّيْلِ.


(١) الخَبَطُ: ما سقطَ من وَرَقِ الشجر بالْخَبْطِ والنَّفْضِ. انظر النهاية (٢/ ٨).
(٢) رَصَدَهُ: رَاكبهُ. انظر لسان العرب (٥/ ٢٢٣).
(٣) وقع عند ابن سعد في طبقاته (٢/ ٣١٥): أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثهم إلى حي من جهينة.
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٤٠٨): وهذا لا يُغاير ظاهره ما في الصحيح؛ لأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيرًا لقريش ويقصدون حيًا من جهينه، ويحتمل أن يكون تلقيهم للعير ليس لمحاربتهم بل لحفظهم من جهينة، ويقوي هذا الجمع ما وقع عند مسلم في صحيحه عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: بعث رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بعثًا إلى أرض جهينة.
(٤) الْجِرَابُ: الوِعَاءُ. انظر لسان العرب (٢/ ٢٢٨).
(٥) الْمِزْوَدُ: بكسر الميم وسكون الزاي: هو ما يُجَعَلُ فيه الزَّادُ. النهاية (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>