للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَجَ مَعَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، فَحَمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَلَى بَعِيرِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِقَرْقَرَةِ ثِبَارٍ (١) نَدِمَ يُسَيْرٌ عَلَى مَسِيرِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَهْوَي (٢) بِيَدِهِ إِلَى سَيْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، فَفَطِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَدَفَعَ بَعِيرَهُ وَقَالَ لَهُ: غَدْرًا أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ! فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَأَنْدَرَتْ (٣) عَامَّةُ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَسَقَطَ يُسَيْرٌ عَنْ بَعيره وَبيَده مِخْرشٌ (٤) مِنْ شَوْحَطٍ (٥)، فَضَربَ عَبْدَ اللَّه فَأَمَّهُ (٦)، وَمَالَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ يَهُودَ فَقتَلَهُ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا أَفْلَتَ عَلَى رِجْلَيْهِ قَدْ أَعْجَزَهُمْ شَدًّا (٧)، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ، ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُمْ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قَدْ نَجَّاكُمُ اللَّهُ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، وَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ فَتَفَلَ عَلَى شَجَّتِهِ (٨)، فَلَمْ تُقْحِ (٩) وَلَمْ تُؤْذِهِ (١٠).


(١) قَرْقَرَةُ ثِبَارٍ: موضع علي ستة أميال من خيبر. قاله ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٢٧٤).
(٢) هَوَى بيد إليهِ: أي مَدَّهَا نحوه وأَمَالَهَا إليه. انظر النهاية (٥/ ٢٤٦).
(٣) نَدَرَتْ: سَقَطَتْ ووَقَعَتْ. انظر النهاية (٥/ ٣٠).
(٤) الْمِخْرَاشُ: عصا مِعْوَجَّةُ الرَّأْسِ. انظر النهاية (٢/ ٢٢).
(٥) الشَّوْحَطُ: ضَرْبٌ من شجر الجبال تُتَّخَذُ منه الْقِسِيُّ. انظر النهاية (٢/ ٣٥٤).
(٦) أَمَّه: أي أَصابَ أُمَّ رأسِهِ، وأُمُّ الرأسِ: الدِّمَاغُ. انظر النهاية (١/ ٦٩).
(٧) شَدًّا: أي جَرْيًا. انظر النهاية (٢/ ٤٠٥).
(٨) الشَّجُّ: في الرأس خاصَّةً في الأصل، وهو أَنْ يضربَهُ بثيء فيَجْرحه فيه ويَشُقّهُ، ثم استعمل في غيره من الأعضاء. انظر النهاية (٢/ ٣٩٩).
(٩) الْقَيْحُ: هو الصَّدِيدُ. انظر لسان العرب (١١/ ٣٦٨).
أي أنه لم يخرج من جرحه -رضي اللَّه عنه- شيء ببركة تفله -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١٠) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٩٥) - سيرة ابن هشام (٤/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>