خُزَاعَةَ لَيْلًا وَهُمْ آمِنُونَ، عَلَى مَاءٍ لَهُمْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، يُقَالُ لَهُ: "الوَتِيرُ"، وَكَانَ مِنْهُمُ الْمُصَلِّي وَمِنْهُمُ النَّائِمُ، فَأَصَابُوا مِنْهُمْ رِجَالًا، فَاقْتَتَلُوا إِلَى أَنْ دَخَلُوا الحَرَمَ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالَتْ بَنُو بَكْرٍ لِنَوْفَلِ بنِ مُعَاوِيَةَ: يَا نَوْفَلُ! إنَّا قَدْ دَخَلْنَا الحَرَمَ، إِلَهَكَ، إِلَهَكَ.
فَقَالَ نَوْفَلٌ كَلِمَةً عَظِيمَةً: لَا إِلَهَ اليَوْمَ يَا بَنِي بَكْرٍ! أَصِيبُوا ثَأْرَكُمْ، فَلَعَمْرِي إِنَّكُمْ لَتَسْرِقُونَ فِي الحَرَمِ، أَفَلَا تُصِيبُونَ ثَأْرَكُمْ فِيهِ؟ .
فَانْطَلَقَتْ هَذِهِ المَجْمُوعَةُ مِنْ خُزَاعَةَ هَارِبِينَ، وَبَنُو بَكْرٍ وَرَاءَهُمْ بِالسُّيُوفِ، حَتَّى لَجَؤُوا إِلَى دَارِ بُدَيلِ بنِ وَرْقَاءَ -سَيِّدِ خُزَاعَةَ- فَوَجَدُوا البَابَ مُغْلَقًا، فَقَتَلَتْهُمْ بَنُو بَكْرٍ عِنْدَ بَابِ بُدَيلِ بنِ وَرْقَاءَ سَيِّدِ خُزَاعَةَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَشَارَكَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي قَتْلِ خُزَاعَةَ، مِنْهُمْ: صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ، وَحُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى، وَمِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ، وَعِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو.
وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ.
* نَدَمُ قُرَيْشٍ:
ثُمَّ نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَا صَنَعَتْ مِنْ مُسَاعَدَةِ بَنِي بَكْرٍ فِي قَتْلِ خُزَاعَةَ، وَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا نَقْضٌ وَاضِحٌ لِصُبْحِ الحُدَيْبِيَةِ الذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَجَاءَ الحَارِثُ بنُ هِشَامٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا فَعَلَ القَوْمُ، فَقَالَ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَشْهَدْهُ، وَلَمْ أَغِبْ عَنْهُ، وَإِنَّهُ لَشَرٌّ، وَوَاللَّهِ لَيَغْزُونَا مُحَمَّدٌ (١).
(١) أخرج ذلك كله: ابن حبان في صحيحه - كتاب الجنايات - باب القصاص - رقم الحديث =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute