للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَلْقَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَهِيَ قَوْلُه تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ (١) إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (٢).

* تَمَنِّي عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- نُزُولَ الحِجَابِ:

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- بِحَسَاسِيَّتِهِ المُرْهَفَةِ كَانَ يَقْتَرِحُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الحِجَابَ، وَكَانَ يَتَمَنَّاهُ عَلَى رَبِّهِ، حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ الكَرِيمُ مُصَدِّقًا لِاقْتِرَاحِهِ مُجِيبًا لِحَسَاسِيَّتِهِ (٣).

فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْهُ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجَابِ؟


(١) قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (٦/ ٤٥٤): حَظَرَ علي المؤمنين أن يدخلوا منازل رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بغير إذْنٍ، كما كانوا قبل ذلك يصنَعُونَ في بُيُوتِهم في الجاهلية وابتداءِ الإسلام، حتى غارَ اللَّه تَعَالَى لهذ الأمَّة، فأمرهم بذلك، وذلك من إكرامه تَعَالَى هذه الأمة، ولهذا قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إيَّاكم والدخول على النساء". أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٥٢٣٢) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (٢١٧٢).
(٢) سورة الأحزاب آية (٥٣).
وأخرج ذلك: البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب سورة الأحزاب - رقم الحديث (٤٧٩٣) (٤٧٩٤) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٠٢٥).
(٣) انظر في ظلال القرآن (٥/ ٢٨٧٧) لسيد قطب رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>