للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَدَمُوهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِي خِزَانَتِهِ شَيْئًا، وَانْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

٢ - سَرِيَّةُ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه- إِلَى العُزَّى (٢):

وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَالِدَ بنَ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه- فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا مِنَ الصَّحَابَةِ لِهَدْمِ العُزَّى، وَذَلِكَ لِخَمْسِ لَيَالي بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ بِنَخْلَةٍ (٣)، وَهِيَ أَعْظَمُ أَصْنَامِهِمْ، فَأَتَاهَا خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَتْ عَلَى ثَلَاثِ سَمُرَاتٍ (٤)، فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ، وَهَدَمَ البَيْتَ الذِي كَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْجعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا"، فَرَجَعَ خَالِدٌ، فَلَمَّا بَصُرَتْ بِهِ السَّدَنَةُ، وَهُمْ حَجَبَتُهَا، أَمْعَنُوا (٥) فِي الجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى يَا عُزَّى، فَأَتَاهَا خَالِدٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، تَحْتَفِنُ (٦) التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فَعَمَّمَهَا خَالِدٌ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا، وَهُوَ يَقُولُ:


(١) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣٢٣).
(٢) العُزَّى: هو صنم لقريش وجميع بني كنانة، وقد كانت قريش تعظمه، ولهذا لما انتهت غزوة أُحد، صرخ أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "قولوا: اللَّه مولانا، ولا مولى لكم".
وقد ذكرنا ذلك في غزوة أُحد مفصلًا، فراجعه.
وذكر اللَّه تَعَالَى هذا الصنم فِي القرآن الكريم، فقال سبحانه وتَعَالَى فِي سورة النجم آية (١٩): {أَفَرَءَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}.
(٣) نخلة: هو موضع بالحجاز قريب من مكة، فيه نخل وزروع. انظر معجم البلدان (٨/ ٣٨١).
(٤) السَمُرات: واحدتها سَمُرة بفتح السين وضم الميم: هو نوع من أنواع الشجر. انظر النهاية (٢/ ٣٥٩).
(٥) أمعن فِي الجبل: أي جدّ وابعد فِي صعوده فِي الجبل. انظر النهاية (٤/ ٢٩٣).
(٦) الحَفْنَة: هي ملءُ الكف. انظر النهاية (١/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>