للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَلِّ العَظِيمِ، فقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلُمَّ إِلَيَّ ثَوْبًا"، فَأُتِيَ بِهِ فَأَخَذَ الحَجَرَ الأَسْوَد فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ: "لِتَأْخُذْ كُلُّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا"، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ، وَضَعَهُ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ (١).

وهَكَذَا دَرَأَ (٢) رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الحَرْبَ عَنْ قُرَيْشٍ، بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ فَوْقَهَا حِكْمَةٌ، وكَانَتْ مُقَدِّمَةُ دَرْئِهِ لِلْحُرُوبِ، والشُّرُورِ عَنِ الشُّعُوبِ، وَالأُمَمِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، بِحِكْمَتِهِ وتَعَالِيمِهِ ورِفْقِهِ، وتَلَطُّفِهِ في الأُمُورِ، والإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَكُونُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، كَمَا كَانَ رَحْمَةً لِلْمُتَخَاصِمِينَ، والمُتَحَارِبِينَ فِي قَوْمٍ بُسَطَاءَ أُمِّيِّينَ (٣).

* ضِيقُ النّفَقَةِ الحَلَالِ:

ومَعَ جُهْدِ قُرَيْشٍ في بِنَاءَ الكَعْبَةِ، فَقَدْ ضَاقَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ الطَّيِّبَةُ عَنْ إتْمَامِ البَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ، فَاضْطُرُّوا إِلَى أنِ يَقْتَطِعُوا مِنْهُ قِطْعَةً مِنْ جِهَتِهِ الشَّمَالِيَّةِ، وبَنَوْا عَلَى هَذَا الجُزْءَ الذِي احْتَجَزُوهُ جِدَارًا قَصِيرًا لِلْإِعْلامِ أَنَّهُ


(١) أخرج تفاصيل تحكيم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وضع الحجر الأسود: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٥٥٠٤) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٥٥٩٦) - والطيالسي في مسنده - رقم الحديث (١١٥) - والحاكم في المستدرك رقم الحديث (١٧٢٦) (١٧٢٧) - وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه - رقم الحديث (٩١٠٦) - وإسناده صحيح.
(٢) دَرَأَ: دَفَعَ. انظر لسان العرب (٤/ ٣١٤).
(٣) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة لأبي الحسن النَّدْوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>