للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لقدِ اسْتَكْثَرْتُهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا خَالِدُ، رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ".

قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: دُونَكَ يَا خَالِدُ، أَلَمْ أَفِ لَكَ؟ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَمَا ذَاكَ"، فَأَخْبَرتُهُ.

قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "يَا خَالِدُ، لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي أُمُرَائِي؟ لَكُمْ صِفْوَهُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كدَرُهُ" (١).

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّ الرَّعِيَّةَ يَأْخُذُونَ صَفْوَ الأُمُورِ فتَصِلُهُمْ أُعْطِيَاتُهُمْ بِغَيْرِ نَكَدٍ، وَتُبْتَلَى الوُلَاةُ بِمُقَاسَاةِ الأُمُورِ، وَجَمْعِ الأَمْوَالِ، عَلَى وُجُوهِهَا وَصَرْفِهَا فِي وُجُوهِهَا، وَحِفْظِ الرَّعِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَالذَّبِّ عَنْهُمْ، وَإِنْصَافِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ مَتَى وَقَعَ عَلَقَة أَوْ عَتْبٌ فِي بَعْضِ ذَلِكَ تَوَجَّهَ عَلَى الأُمُرَاءِ دُونَ النَّاسِ (٢).

وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا الحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ غَنِمُوا مِنْهُمْ وَسَلَبُوا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَقَتَلُوا مِنْ أُمَرَائِهِمْ (٣).

* مَا المُرَادُ بِقَوْلِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ":

قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ النَّقْلِ فِي المُرَادِ بِقَوْلهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ"، هَلْ


(١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب استحقاق القاتل سلب القتيل - رقم الحديث (١٧٥٣) - وأخرجه والإمام اْحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٩٩٧).
(٢) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١٢/ ٥٧).
(٣) انظر البداية والنهاية (٤/ ٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>