للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَلَعَلَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَرَكَ الطَّوَافَ تَطَوُّعًا خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحِبُّ التَّخْفِيفَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (١).

* قَصْرُ الصَّلَاةِ:

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُدَّةَ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْهَاجِرَةِ (٢) إِلَى الْبَطْحَاءِ (٣)، فتَوَضَّأَ (٤)، وَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ (٥)، وَكَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ، ثُمَّ قَامَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَهُ، فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَأَخَذْتُ يَدَهُ، فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ (٦).


(١) انظر فتح الباري (٤/ ٢٩٠).
(٢) الْهَاجرة: هو وقت اشتداد الحُر نصف النهار. انظر النهاية (٥/ ٢١٤).
(٣) في رواية أخرى: الأبطح.
(٤) زاد مسلم في صحيحه: فرأيت النَّاس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب منه أخذ من بلل يد صاحبه.
(٥) الْعَنَزَة: بفتح العين عصا مثل نصف الرمح أو أكبر شيئًا. انظر النهاية (٣/ ٢٧٨).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الوضوء - باب استعمال فضل وضوء الناس - رقم الحديث (١٨٧) - وكتاب الصلاة - باب السترة بمكة وغيرها - رقم الحديث (٥٠١) - ومسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب سترة المصلي - رقم الحديث (٥٠٣) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٧٦٠) (١٨٧٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>