للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَسْقَامِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، فَعَذَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ (١) أَمْرَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ، وَهُمَا هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (٢).

* أَمْرُ أَبِي لُبَابَةَ وَأَصْحَابِهِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

رَوَى الْإِمَامُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِسَنَدٍ حَسَن عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَؤلِهِ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا} (٣)، قال -رضي اللَّه عنه-: كَانُوا عَشَرَةَ رَهْطٍ تَخَلفوا عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي غَزْوةِ تَبُوكَ، فَلَمَّا حَضَرَ رُجُوعُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَمَرُّ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا رَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ، قَالَ: "مَنْ هَؤُلَاءِ الْمُوثقُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي؟ ".

قَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَةَ، وَأَصْحَابٌ له تَخَلَّفُوا عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَحَلَفُوا لَا يُطْلِقُهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تُطْلِقَهُمْ، وَتَعْذُرَهُمْ، فَفَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا


(١) أَرْجَأَ: أَخَّرَ. انظر لسان العرب (٥/ ١٣٨).
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ١٨٥) - دلائل النبوة (٥/ ٢٨٠) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣٣٣).
(٣) سورة التوبة آية (١٠٢).
قال الإمام الطبري في تفسيره (٦/ ٤٦٢): وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، قول من قال: نزلت هذه الآية في المعترفين بخطأ فعلهم في تخلفهم عن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتركهم الجهاد معه، والخروج لغزو الروم، حين شَخَص -أي ذهب- إلى تبوك، وأن الذين نزل ذلك فيهم جماعة، أحدهم: أبو لبابة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>