للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ عَمْرُو بنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، وَالمُنْذِرُ بنُ عُقْبَةَ الأَنْصَارِيُّ فِي سَرْحِ (١) المُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُنْبِئْهُمَا بِمُصَابِ أَصْحَابِهِمَا إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى مَوْضِعِ الوَقْعَةِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الطَّيْرِ لَشَأْنٌ، فَأَقْبَلَا لِيَنْظُرَا، فَإِذَا أصْحَابُهُمْ في دِمَائِهِمْ، وَإِذَا الخَيْلُ التِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ، فَقَالَ المُنْذِرُ بنُ عُقْبَةَ لِعَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ: مَا ترَى؟

قَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فنخْبِرَهُ الخَبَرَ، فَقَالَ المُنْذِرُ بنُ عُقْبَةَ -رضي اللَّه عنه-: لَكِنِّي مَا كُنْتُ لِأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ المُنْذِرُ بنُ عَمْرٍو (٢)، وَمَا كُنْتُ لِتُخْبِرَنِي عَنْهُ الرِّجَالُ، ثُمَّ قَاتَلَ القَوْمَ حَتَّى قُتِلَ -رضي اللَّه عنه-، وَأَخَذُوا عَمْرَو بنَ أُمَيَّةَ -رضي اللَّه عنه- أَسِيرًا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ، أَخَذَهُ عَامِرُ بنُ الطُّفيْلِ وَجَزَّ (٣) نَاصِيَتَهُ (٤) وَأَعْتَقَهُ عَنْ رَقَبَةٍ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ، وَرَجَعَ عَمْرُو بنُ أُمَيَّةَ -رضي اللَّه عنه- إلى المَدِينَةِ وَأَخْبَرَ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥).

* كَرَامَةٌ لِعَامِرِ بنِ فُهَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-:

كَانَ مِنْ بَيْنِ القَتْلَى عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- (٦)، وَقَدْ ظَهَرَتْ لَهُ في هَذِهِ المَعْرَكَةِ


(١) السَّرْحُ: المَاشِيَةُ. انظر النهاية (٢/ ٣٢٢).
(٢) هو المُنْذِرُ بن عمرو بن أبي خُنَيْسٍ من بني ساعِد من الخَزْرَجِ، وكان -رضي اللَّه عنه- عَقَبِيًّا بَدْرِيًا من أكابر الصَّحَابَة. انظر الإصابة (٦/ ١٧١).
(٣) الجَزُّ: قصُّ الشعر. انظر النهاية (١/ ٢٥٩).
(٤) الناصية: مَنْبَتُ الشَّعر في مقدم الرأس. انظر لسان العرب (١٤/ ١٦٩).
(٥) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٧٥) - سيرة ابن هشام (٥/ ٢٠٣) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٣٣٩ - ٣٤٠).
(٦) قتله جبَّار بن سُلمى، ثم إنه وفد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في عام الوفود، فأسلم وحسن إسلامه -رضي اللَّه عنه-. انظر أسد الغابة (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>