للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجُّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه- بِالنَّاسِ

وَفي أَوَاخِرِ شَهْرِ ذِي القعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ التَّاسِعَةِ (١) لِلْهِجْرَةِ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) قال الإمام البخاري في صحيحه -في كتاب المغازي-: باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع.
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٤١٣): كذا جزم به -أي البخاري-. . . والحق أنه لم يُختلف في ذلك -أي في أي سنة حج أبي بكر -رضي اللَّه عنه- بالناس- وإنما وقع الاختلاف في أي شهر حج أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فذكر ابن سعد وغيره بإسناد صحيح عن مجاهد: أن حجة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- وقعت في ذي القعدة، . . . والمعتمد ما قاله مجاهد.
قلت: وقع في صحيح ابن حبان - رقم الحديث (٣٧٠٧) بسند صحيح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في قوله تَعَالَى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال: لما قفل رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- من حنين، اعتمر من الجعرانة، ثم أَمّر أبا بكر -رضي اللَّه عنه- على تلك الحجة.
والإشكال هنا قوله -رضي اللَّه عنه-: ثم أَمّر أبا بكر -رضي اللَّه عنه- على تلك الحجة -أي لما رجع من حنين- وكان ذلك سنة ثمان للهجرة، والمشهور أن أمير الحج سنة ثمان هو عَتَّاب بن أَسيد -رضي اللَّه عنه-.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِير في تفسيره (٤/ ١٠٤): وهذا السياق فيه غرابة، من جهة أن أمير الحج كان سنة عمرة الجعرانة إنما هو عَتّاب بن أَسيد، فأما أبو بكر إنما كان أميرًا سنة تسع.
وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٢١٧): يمكن رفع الإشكال بأن المراد بقوله: "ثم أَمّر أبا بكر"، يعني بعد أن رجع إلى المدينة وطوى ذكر من ولي الحج سنة ثمان، فإن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لما رجع من العمرة إلى الجعرانة فأصبح بها توجه هو ومن معه إلى المدينة، إلى أن جاء أوان الحج، فأَمّر أبا بكر -رضي اللَّه عنه-، وذلك سنة تسع، وليس المراد أنه أَمّر أبا بكر أن يحج في السنة التي كانت فيها عمرة الجعرانة، وقوله -رضي اللَّه عنه-: "على تلك الحجة"، يريد الآتية بعد رجوعهم إلى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>