للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى مَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ بَنُو النَّضِيرِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا الْحَلْقَةَ (١)، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ ثَانِيَةً بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِشَيءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ لَا مِنَ الْحَلْقَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِ.

فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ أَرَادُوا أَنْ يَتَّصِلُوا بِبَعْضِ حُلفائِهِمْ مِنَ الْأَوْسِ لَعَلَّهُمْ يَتَعَرَّفُونَ مَاذَا سَيَحِلُّ بِهِمْ إِذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* اسْتِشَارَتُهُمْ أَبَا لُبَابَةَ -رضي اللَّه عنه- (٢):

فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ لِنَسْتَشِيرَهُ فِي أَمْرِنَا، وَكَانَ حَلِيفًا لَهُمْ، فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ، وَجَهَشَ (٣) إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ، وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ! أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ، يَعْنِي الذَّبْحَ، قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: فَوَاللَّهِ مَا


(١) الحَلْقَةُ: بفتح الحاء وسكون اللام: السِّلَاحُ، انظر النهاية (١/ ٤١٠).
(٢) أخرج إرسال أبي لبابة -رضي اللَّه عنه- إلى بني قريظة: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٠٩٧) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مناقب الصحابة - باب ذكر سعد بن معاذ -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠٢٨) - وابن إسحاق في السيرة (٣/ ٢٦١) وإسنادها حسن - وأوردها الحافظ ابن كئير في البداية والنهاية (٤/ ٥٠٨) وجود إسنادها.
(٣) الْجَهْشُ: أَنْ يفزعَ الإنسانُ إلى الإنسانِ ويلجأَ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كما يفزع الصبي إلى أمه وأبيه. انظر النهاية (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>