كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

غزوة تبوك أو (العسرة) - * تتابع الصحابة رضي الله عنهم في الإنفاق لجيش العسرة - ج: 4 - ص: 281

يَوْمَ تَبُوكَ اخْتلَافًا شَدِيدًا، وَأَصَحُّ الطُّرُقِ فيه أَنَّهُ أَنْفَقَ ثَمَانيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ (١).

* تَتَابُعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ في الْإِنْفَاقِ لِجَيْشِ الْعُسْرَةِ:

وَتَتَابَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِصَدَقَاتِهمْ لِجَيْشِ الْعُسْرَةِ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ (٢) بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ، كُنَّا نتحَامَلُ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ (٣).

وَوَقَعَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ في قِصَّةِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ"، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ (٤) وَهُوَ الذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ (٥) الْمُنَافِقُونَ (٦).

قَالَ الْحَافِظُ في الْفتْحِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ مَنْ جَاءَ بِالصَّاعِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ فِيهَا: أَنَّهُ جَاءَ بِصَاعٍ، وَكَذَا وَقَعَ في الزَّكَاةِ -في صَحِيحِ

---

(١) انظر فتح الباري (٩/ ٢٣٠).
(٢) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٤/ ٣٢) (٩/ ٢٢٩): أبو عَقِيلٍ: بفتح العين، واسمه حبحاب.
(٣) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} - رقم الحديث (٤٦٦٨) - ومسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب العمل بأجرة يتصدق بها - رقم الحديث (١٠١٨).
(٤) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٩/ ٢٣٠): واسم أبي خيثمة هذا عبد اللَّه بن خيثمة من بني سالم من الْأَنصار.
(٥) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (١٧/ ٧٥): لَمَزَه: أي عَابَهُ واحْتَقَرَهُ.
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب التوبة - باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه - رقم الحديث (٢٧٦٩).