للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مَقْتَلُ السَّبْعَةِ مِنَ الأَنْصَارِ:

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُفْرِد يَوْمَ أُحُدٍ في سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ (١)، فَلَمَّا رَهِقُوهُ (٢)، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الجَنَّة، أَوْ هُوَ رَفِيقِي في الجَنَّةِ؟ ".

فتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الجَنَّة، أَوْ هُوَ رَفِيقِي في الجَنَّةِ؟ "، فتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِصَاحِبَيْهِ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا" (٣).


(١) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (٨/ ١٠٦): كأن المرادُ بالرجلَيْنِ: طلحةُ وسعدٌ، ويشهدُ لذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٤٠٦٠) عن مَعْمَرٍ عن أبيه قال: زَعَمَ أبو عُثْمَان أنَّه لم يَبْقَ مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعضِ تِلكَ الأيام التي يُقَاتل فيهن غير طلحة وسعد.
فكأن المرادُ بالحَصْرِ في هذا الحديث تخصيصُه بالمهاجرين، فكأنه قال: لم يَبْقَ معه من المهاجرين غير هذينِ، وتعيَّن حملُهُ علي ما أوَّلته، وأن ذلك باعتبار اختلافِ الأحوال وأنهم تفرَّقُوا في القتال، فلما وقَعَتِ الهَزِيمة فيمن انهَزَمَ، وصاحَ الشيطان: قُتِل مُحمد، اشتغل كُل واحد منهم بهَمِّه، والذَّبِّ عن نفسه، ثم عرفوا عن قرب بِبَقَائه فتراجعوا إليه أَوَّلًا فالأول، ثم بعد ذلك كان يندُبُهم إلى القتال فيشتَغِلُون به.
(٢) يُقال: رَهِقه بالكسر يرهقه رهقًا: إذا غشيه. انظر النهاية (٢/ ٢٥٧).
(٣) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة أُحد - رقم الحديث (١٧٨٩) - وأخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب السير - باب الخروج وكيفية الجهاد - رقم الحديث (٤٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>