للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ (١)، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصبِرُونَ عَلَى السُّيُوفِ إِذَا مَسَّتْكُمْ، وَعَلَى قَتْلِ خِيَارِكُمْ، وَعَلَى مُفَارَقَةِ العَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً فَذَرُوهُ، فَهُوَ أَعْذَرُ عِنْدَ اللَّهِ.

فَقَالُوا: يَا أَسْعَدُ! أَمِطْ (٢) عَنَّا يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هذه البَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا (٣).

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلنُّقَبَاءِ: "أَنْتُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ بِمَا فِيهِمْ كفَلَاءُ، كَكَفَالَةِ الحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَنَا كَفِيلٌ عَلَى قَوْمِي" -يَعنِي المُسْلِمِينَ-، قَالُوا: نَعَمْ.

فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجُلًا رَجُلًا، يَأْخُذُ عَلَيْهِمْ بِشَرطِهِ -أَيْ بِشَرْطِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه-، وَيُعْطِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ الجَنَّةَ (٤).

* أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ:

وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايعَ البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ -رضي اللَّه عنه-، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي


(١) أعضَضْتُهُ سَيْفِي: أي ضَرَبْتُه به. انظر لسان العرب (٩/ ٢٥٦).
(٢) أَمِطْ: أيْ أبْعِد. انظر النهاية (٤/ ٣٢٥).
(٣) استَقَالَ العَهْدَ: أي طَلَبَ أن يُفْسَخَ. انظر لسان العرب (١١/ ٢٨٨).
(٤) أخرج قصة بيعة العقبة الثانية: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٦٥٣) (١٥٧٩٨) - وابن حبان في صحيحه - كتاب إخباره -رضي اللَّه عنه- عن مناقب الصحابة - باب ذكر أسعد بن زرارة -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٧٠١١) (٧٠١٢) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٥٢ - وما بعدها) - وأوردها الحافظ في الإصابة (٨/ ١٤) وصحح إسنادها - وهو كما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>