للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى الْحَاكِمُ في الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: . . . وَكَانَ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَبُوكُ (١).

وَكَانَتْ في وَقْتٍ حَارٍّ جِدًّا وَقَحْطٍ، وَضِيقٍ شَدِيدٍ في النَّفَقَةِ وَالظَّهْرِ (٢) وَالْمَاءِ.

* سَبَبُ الْغَزْوَةِ:

اخْتُلِفَ في سَبَبِ هَذِهِ الْغَزْوَةِ، فَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَلَغَهُ أَنَّ هِرَقْلَ مَلِكَ الرُّومِ جَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً مِنَ الرُّومِ وَالْغَسَاسِنَةِ وَقَبائِلِ الْعَرَبِ الْمُوَالِيَةِ لَهُ، فَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهِمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ (٣).

قُلْتُ: وَيَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيًّا في حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- الذِي مَضَى قَبْلَ قَلِيلٍ-، وَهُوَ يَرْوِي قِصَّةَ هَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَزْوَاجَهُ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ في بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ -وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ- وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْي أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، . . . وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِتَغْزُونَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فضَرَبَ بَابِي


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب استغفار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن جابر - رقم الحديث (٦٤٦٣).
(٢) الظهر: الإبل التي يُحمل عليها وتُركب. انظر النهاية (٣/ ١٥١).
(٣) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>