للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البُدْنَ (١)، فَابْعَثُوهَا لَهُ" (٢)، فَبَعَثُوا الهَدْيَ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءَ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ.

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَصِلْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِعْظامًا لِمَا رَأَى، فَقَالَ لَهُمْ: رَأَيْتُ البُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ البَيْتِ (٣). فَقَالُوا لَهُ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ لَا عِلْمَ لَكَ (٤).

فَغَضِبَ الحِلْسُ بنُ عَلْقَمَةَ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! وَاللَّهِ مَا عَلَى هَذَا حَالَفْنَاكُمْ، وَلَا عَلَى هَذَا عَاقَدْنَاكُمْ، أَيُصَدُّ عَنْ بَيْتِ اللَّهِ مَنْ جَاءَ مُعَظِّمًا لَهُ، وَالذِي نَفْسُ الحِلْسِ بِيَدِهِ لَتُخَلُّنَّ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ أَوْ لَأَنْفِرَنَّ (٥) بِالْأَحَابِيشِ نَفْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَالُوا لَهُ: مَهْ! كُفَّ عَنَّا يَا حِلْسُ حَتَّى نَأْخُذَ لِأَنْفُسِنَا مَا نَرْضَى بِهِ (٦).

* ثَالِثُهُمْ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ:

فَقَامَ عِنْدَ ذَلِكَ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ -رضي اللَّه عنه- وَكَانَ عَلَى الكُفْرِ في ذَلِكَ


(١) البُدْن: هي الإبل، سميت بَدَنَةً لعِظمها وسِمَنِها. انظر النهاية (١/ ١٠٨).
(٢) هذه رواية البخاري في صحيحه.
وفي رواية الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠) قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا من قومٍ يتأَلَّهُون، فابعَثُوا الهديَ في وَجْهِهِ".
التألُّه: التنسُّك والتعبد. انظر لسان العرب (١/ ١٩٠).
(٣) هذه رواية البخاري في صحيحه.
وفي رواية أخرى في مسند الإمام أحمد - رقم الحديث (١٨٩١٠) قال: يا معشر قريش! قد رأيت ما لا يحل صده، الهدي في قلائده قد أُكل أوباره من طول الحبس عن مَحِلِّه.
(٤) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٨٩١٠) - وإسناده حسن.
(٥) الاستنفار: الاستنجاد والاستنصار. انظر النهاية (٥/ ٧٩).
(٦) انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٣٤١) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (٢/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>