للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقِيلَ: كَانَ فِي رَجَبَ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ وجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ: قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ حَكَاهُ ابنُ الأَثِيرِ (١).

قُلْتُ: وَالذِي لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ العُلَمَاءَ أَنَّ الإِسْرَاءَ والمِعْرَاجَ كَانَ بَعْدَ عَوْدَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الطَّائِفِ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِالضَّبْطِ اليَوْمُ، والشَّهْرُ، والسَّنَةُ التِي وَقَعَ فِيهَا (٢).

* الإِسْرَاءُ والمِعْرَاجُ بِالجَسَدِ والرُّوحِ:

الصَّحِيحُ أَنَّ الإِسْرَاءَ والمِعْرَاجَ كَانَ بِجَسَدِهِ ورُوحِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قَالَ الإِمَامُ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: والصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَسْرَى بِعَبْدِهِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ، وَكَمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأَنَّ اللَّه تَعَالَى حَمَلَهُ عَلَى البُرَاقِ حَيْثُ أتَاهُ بِهِ، وَصَلَّى هُنَالِكَ بِمَنْ صَلَّى مِنَ الأَنْبِيَاءَ والرُّسُلِ، فَأَرَاهُ مَا أَرَاهُ مِنَ الآيَاتِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: أسْرَى بِرُوحِهِ دُونَ جَسَدِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ عَلَى رِسَالَتِهِ، وَلَا كَانَ الذِينَ أنْكَرُوا حَقِيقَةَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَكَانُوا يَدْفَعُونَ بِهِ عَنْ صِدْقِهِ فِيهِ، إِذْ لَمْ


(١) انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير (١/ ٦٥٠).
(٢) انظر فتح الباري (٧/ ٦٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>