للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنُ بَكْرٍ -وَهُمُ الذِينَ اسْتُرْضِعَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَنَاس مِنْ هِلَالٍ، وَفِي بَنِي جُشْمٍ رَجُل يُقَالُ لَهُ "دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ" (١) شَيْخٌ كَبِير قَدْ عَمِيَ، لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا التَّيَمُّنُ (٢) بِرَأْيِهِ، ومَعْرِفَتُهُ بِالحَرْبِ، وَكَانَ شُجَاعًا مُجَرِّبًا، وَفِي ثَقِيفٍ سَيِّدَانِ لَهُمْ، فِي الأَحْلَافِ: قَارِبُ بنُ الأَسْوَدِ، وَفِي بَنِي مَالِكٍ: ذُو الخِمَارِ سُبَيْعُ بنُ الحَارِثِ، وَأَخُوهُ أَحْمَرُ بنُ الحَارِثِ، وَقَدْ بَلَغَ جَيْشُ الكُفَّارِ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَكَانَ جِمَاعُ أَمْرِ النَّاسِ إِلَى مَالِكِ بنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ (٣)، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً.

فَلَمَّا أَجْمَعَ مَالِكُ بنُ عَوْفٍ السَّيْرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ النَّاسَ أَنْ يَسُوقُوا مَعَهُمْ أَمْوَالَهُمْ، وَنِسَاءَهُمْ، وَأَبْنَاءَهُمْ، فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى نَزَلُوا بِأَوْطَاسَ (٤).

* نَصِيحَةُ دُرَيْدِ بنِ الصِّمَّةِ وَتَنْظِيمُ مَالِكٍ جَيْشَهُ:

وَلَمَّا نَزَلَ مَالِكُ بنُ عَوْفٍ بِأَوْطَاسَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَفِيهِمْ: دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ، فَقَالَ دُرَيْدٌ لِلنَّاسِ: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ .

قَالُوا: بِأَوْطَاسَ، فَقَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الخَيلِ، لَا حَزْنَ (٥) ضِرْسٍ (٦)، وَلَا


(١) دُريد: بضم الدال، والصِمة: بكسر الصاد وتشديد الميم. انظر فَتح الباري (٨/ ٣٦٢).
(٢) التيمن: بتشديد الميم: أي الابتداء فِي أخذ رأيه. انظر لسان العرب (١٥/ ٤٥٧).
(٣) أسلم مالك بن عوف -رضي اللَّه عنه- بعد ذلك، وكان من المؤلفة قلوبهم، وصحب رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم شهد القادسية، وفتح دمشق. انظر الإصابة (٥/ ٥٥٠).
(٤) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ٨٧) - زاد المعاد (٣/ ٤٠٨).
(٥) الحَزْن: ما غلظ من الأرض فِي ارتفاع. انظر لسان العرب (٣/ ١٥٩).
(٦) الضِّرس: بكسر الضاد وسكون الراء ما خشن من الآكام، والآكام: هو الموضع الذي أشد ارتفاعًا مما حوله، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرًا. انظر لسان العرب (١/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>